وماذا بعد الإستفتاء ؟ بقلم الدكتور حسام الشاذلي ...


وماذا بعد الإستفتاء ؟
بقلم الدكتور حسام الشاذلي

قد يتصور البعض في خضم الأحداث المتلاحقة أن الإستفتاء الفاشل علي وثيقة الدم من الممكن أن يكون حجرا صلبا في تأسيس دولة الإنقلاب التي تحاول أن تبعث من جديد علي أشلاءً المصريين وفي غفلة من العالم ، ولكن التحليل المتعمق يتطلب أن تري الأحداث بمنظورها المكتمل وألا تقتطع أجزائها فتفقد الترابط الذي يزيح الستار علي أكثر السيناريوهات المتحملة للأيام القادمة ، 

وإذا طالعنا الساحة بعين المحلل الإستراتيجي وخبير إدارة التغيير ، فإنني أقف علي أرض صلبة عندما أؤكد أن الإستفتاء الأخير قد أكد بما لا يدع مجالا للشك علي كون عمر الإنقلاب قد أوشك علي الإنتهاء ، ولأن متغيرات و نتائج الحراك الثوري تحددها الحشود والتطور النوعي للأحداث وعوامل التصعيد وإستراتيجيات المواجهة علي الساحتين الداخلية والخارجية ، 

فإن فشل الإقلاب في حشد حتي مؤيديه للنزول لدعم دستوره المزعوم وتمخض نتائج المشاركة في الإستفتاء عن حقيقة واضحة في أن ٨٪ فقط من المصريين قد شاركوا في هذه المهزلة الراقصة علي دماء الأحرار هي حقيقة تؤكد بأن كرة الثلج قد وصلت من الحجم والطاقة مالا يمكن معها لآلة عسكرية فاشية أو بلطجية في زي جهاز داخلية أن توقفها أو أن تعترض طريقها، 
إن التغير النوعي في الحراك الثوري علي الأرض مع إرتفاع عدد الشهداء اليومي في ظل صورة أصبحت جلية لملامح ساعة الصفر خاصة للمتخصصين ، هو مؤشر إستراتيجي قوي علي إن المنظومة في طريقها للإكتمال وأن الثورة الشاملة علي الأبواب ، 

إن رصدنا للمتغيرات الإستراتيجية علي أرض الواقع وإستقراء سيناريوهات الأحداث مع إعتبار المعلومات المتوفرة المعلنة منها والموثوقة فإنه من الممكن التأكيد علي أن الثورة المصرية الجديدة والتي إستمرت لأكثر من سبع شهور هي علي وشك إنهاء مرحلة مأ أسميه بالنضوج المحوري والذي تتبعه مرحلة ألأكتمال والذي يتم فيه تحقيق الأهداف الرئيسية للحراك ، فكل الفئات التي يمكن أن تمثل وقودا لهذه المرحلة هي الآن في قمة نضوجها وهذا إضافة إلي الحراك السياسي المحترف ضد الإنقلاب في المحفل الدولي ، فسنري في الأيام تطور واضح للحراك الثوري علي الأرض مدعوما بتحرك دولي محترف سيحاصر دولة ألإنقلاب ويعزله دوليا مما سيؤدي إلي إهتزاز أركان الإنقلاب ومؤسساته ، كما نتوقع أن يتبع ذلك تغير واضح في المواقف السياسية للمجتمع الدولي بعيدا عن أمريكا والتي ستلحق بالركب في آخر محطة لكي تظهر وجها قبيحا لكل من ساندتهم من قيادات الإنقلاب وعلي رأسهم السيسي ، 

أما التوصيف النوعي للحراك الثوري المسقط للإنقلاب فلن يكون نسخة من 25 يناير ولكنه سيكون موازيا لحجم الحدث من حيث عدد الشهداء و وطبيعة جرائم الحكم الفاشي العسكري والذي لم تعرفه مصر علي مر العصور ، وقد يكون هذا في حاجة لمتسع أكثر لتوصيفه بدقة ولكن خلاصة الأمر أن ساعة الصفر علي الابواب و العاصفة ستكون هادرة ومستمرة ولن تنتهي في أيام ، والإعصار سيقتلع جذور الفساد ورؤوس المؤامرة وسيأسس لتغيير جذري في المنطقة كلها وستفتح صفحة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط بأكمله ،

نحن علي أبواب عصر جديد يصنعه أحرار مصر وتكتب صفحات تاريخه بأطهر الدماء وتبذل من أجله أغلي التضحيات فلنحرص جميعا علي أن نكون جزءا من هذا الإعجاز التاريخي ولنشارك في صناعة مصر الجديدة ، مصر الحرية والعدالة والديمقراطية ، مصر التي ستكون مركزا للتغيير الذي سيرسم ملامح المنطقة بل والعالم من جديد . 

الدكتور حسام الشاذلي هو المستشار السياسي والخبير الدولي في إدارة التغيير ، والرئيس التنفيذي الحالي لمجموعة سي بي آي الدولية السويسرية العملاقة ، أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الإستراتيجي بجامعة كامبيردج المؤسسية ، وكيل مؤسسي حزب ثوار التحرير ، وعضو المكتب التنفيذي للقوي الوطنية ورئيس القسم المصري بالهيئة الدولية للمفوضيين

Comments

Recent Articles

Economy and Elections in Turkey: The Invisible Hands by Hossam ElShazly

Messenger of Judgement Day _ رسول يوم القيامة _ الدكتور حسام الشاذلي

جيم أوفر - Game Over - بقلم الدكتور حسام الشاذلي المستشار السياسي والاقتصادي الدولي