بين إستراتيجية 'النعام' وصناعة 'الأوهام' و حلم 'التغيير' ، حول وثيقة المبادئ المشتركة ومبادرة نداء وطن ، من سلسلة دعوة للتفكير بقلم الدكتور حسام الشاذلي – المستشار السياسي والاقتصادي الدولي

بين إستراتيجية 'النعام' وصناعة 'الأوهام' و حلم 'التغيير' ،
حول وثيقة المبادئ المشتركة ومبادرة نداء وطن ،
من سلسلة دعوة للتفكير بقلم الدكتور حسام الشاذلي – المستشار السياسي 
والاقتصادي الدولي 

إن الواقع الأليم الذي تعيشه مصرنا الحبيبه ، والتي باتت تصلي علي شهدائها في كل يوم وليله وباتت تدفن أولادها بلا صلاة ولا جنازة ولا حتي نظرة وداع من أب مكلوم ، أو أم ثكلي ، باتت مصر تفقد أولادها بلا عدد ويغيبهم ترابها إلي الأبد ،أصبح غالبية أهلها ينتظرون الموت عساهم يجدون العدل عند رب العدل بعد أن غاب الحق والعدل من أرضها وبين أهلها ، 
يدق علينا شهر رمضان الكريم أبوابه ، ولا نزال نعيش ذلك الواقع المأساوي لآلاف مؤلفة من الأسر المصرية والتي فقدت عائلها ، أو فلذة كبدها علي أرض الثورة أو في محراب رابعة ، أو عند صلاة الفجر بالحرس الجمهوري ، أو داخل المعتقلات ، أو بالتصفيات ، أو بأمراض لم نعرف لها وصفا ولم نفهم لها داء حتي جاءت بالممات، 

نامت تلك الأسر المنكوبة ، لا تعلم عما يفعل الزبانية ببناتها ولا بأطهر من مشي علي ترابها في غياهب معتقلات الإنقلاب وداخل زنازين القهر التي طال بها الغياب ، ، تلك الأسر التي استقبلت وليدها وحبيبها ووالدها وولدها بعد أعوام من بطش الظلم علي أبواب جهنم في العقرب أو في غيره ، تعددت القبور و الموت واحد . إستقبلته فلم تجد إلا بقايا إنسان ، خرج ليموت بمرض أو قهر أو سرطان ، ولا بديل عن التضرع للرحمن ،

ذلك الواقع وتلك المعطيات لم تعد تسمح بتعاطي الأوهام أو الترويج لمخدرات الأحلام ، ذلك الألم الذي يعتصر قلوبا مؤمنة في كل يوم وليلة يقف محتقرا لهؤلاء التجار الذين يتحدثون ملء أفواههم ، يعدون للندوات وينفقون الآلاف علي المؤتمرات ، ويتحدثون أمام الكاميرات ، ثم لا يلبثون أن يعودوا إلي فراشهم الوثير بقطر أو تركيا أو بلاد لم يعرف لها بديل ، لا يلقون بالا ولا يعيلون هما إلي ما يجري علي أرض الواقع ، يبذلون الغالي والنفيس ولا يدخرون جهدا من أجل أن يبقي الواقع كما هو عليه ، مستشعرين أنهم قد جاهدوا في سبيل الحق ونصرته وفي قهر الباطل وغلبته، وحقيقة الأمر أنهم لم يقدموا ولم يأخروا ، لم يرفعوا بلاء ولم يغيروا غلاء ، ولم يؤثروا في ذلك الواقع الدامي ولو بقيد أنمله ، يدفع الثمن من يدفع ويغني علي الجثث من يغني ،

إن ما وصل إليه الحال علي أرض مصر يتطلب مواجهة حقيقية وشجاعة للواقع ومعطياته والعوامل المؤثرة فيه وكيفية التعامل مع المتغيرات المحلية والدولية ذات العلاقة بالحالة المصرية ، فالحديث الثوري الغير محترف والغير مدروس وذكريات ميدان التحرير وقهاوي يناير لن تصنع تغييرا ولن تقدم بديلا في ظل الحالة المعقدة الآنية ، وفي مواجهة إنقلاب دموي غاشم يستخدم أدوات دولة في مواجهة معارضيه وللقضاء علي منافسيه ، فالحديث عن المؤامرة الدولية وعن تخوين الجميع وعن هدم المؤسسات ، هو حوار عقيم يدل علي سطحية ضحلة لا تخدم أي قضية ولا تحقق أي خلخلة للواقع الحالي ولا تحقق أي مكاسب ملموسة ، ولكم في الكثير من الكيانات والمجالس والمبادرات والائتلافات عبرة وعظه ، لمن يريد أن يعلم ، أو يعي فيتعلم ، 

إن أبسط القواعد السياسية المتعارف عليها تفرض علينا التعاطي مع المعطيات الحالية والتعامل مع أطراف النزاع ووضع الخطط ورسم الاستراتيجيات من أجل وقف نزيف الدم والخروج من حالة الانسداد السياسي والركود الثوري التي تؤصل لوجود الإنقلاب وإستمراره في ظل معارضة ضعيفة متفرقه لا ترفع لها راية ولا تتضح لها رؤية أو غاية ، 

ومن هنا تتضح مدي أهمية ذلك الإعلان المرتقب لوثيقة المبادئ المشتركه ولإعلان - نداء وطن – تلك الوثيقة التي تمثل تتطورا محترفا للعديد من المبادرات والدراسات والتجمعات والكيانات ، و توفر مظلة جامعة لكل أطراف المعارضة المصرية وتجمع في أكنافها الكثير والعديد من الكيانات والأحزاب والشخصيات المستقلة المتخصصة ذات الثقل السياسي والقدرات الفكرية والقيادية و التي لم تجتمع من قبل في إطار عمل مشترك منذ الجمعية الوطنية للتغيير والتي كانت البوتقة الحقيقة لثورة يناير المجيدة ،

ولا شك أن الوثيقة قد صاغت وجمعت بحرفية شديدة بين التأسيس للقواعد المطلوبة من أجل توفير مظلة جامعة لأطياف المعارضة المختلفه القادره علي صناعة التغيير وإدارته ، مع المحافظة علي كل المبادئ والقواعد الحاكمة لمفهوم بناء دولة العدل والديمقراطية وسيادة القانون ، 
ومن الجدير بالذكر ومن دواعي الإطمئنان ومسببات الأمل ، أن أي محاولة بائسه للتقليل من أهمية الوثيقة أو مهاجمة فحواها محكوم عليها بالفشل الذريع ولن تجد من يستمع لها سوي من يسردها وأصدقاؤه علي صفحات التواصل الاجتماعي والذين لا ولن يزيدون عن العشرات ، نظرا لعدم وجود أي أرضية حقيقية للنيل من الوثيقة أو من هذا التجمع الضخم المؤثر ، والحق أحق أن يتبع ،
ولعل أحد أهم النقاط التي تعاملت معها الوثيقة بحرفية متناهية هي مبدأ الشرعية الدستورية وحق الشعب في تقرير مصيره ، وهنا أود أن ألقي الضوء علي أن الشرعية بمفهومها الأصيل في ظل المعطيات السياسية الحالية بمصر ، يجب أن تتمحور حول إسقاط الإنقلاب العسكري وإعادة المنظومة الديمقراطية ، وإسترداد حق للشعب في تقرير مصيره من جديد ، حق الشعب في إختيار رئيسه أو في إعادة رئيسه المنتخب المختطف، أو في المطالبه بانتخابات رئاسية جديده ، أو في سلوك أي طريق آخر من أجل بناء دولة الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، هو حق الشعب وهي شرعية الشعب ، لا يملكها أحد غيره ولم يوكل بها أحد سواه ، 

وهنا أزعم أن هذا الكيان الجديد وهذه الوثيقة التاريخية تمثل تغييرا محوريا في الحياة السياسية المصرية وفي صناعة التغيير المرتقب من أجل تحرير مصر والمصريين ، كونها تمثل مرحلة النضوج المؤثر للعديد من المبادرات والتجمعات وتحمل في طيها قوي قادرة علي التأثير علي محوري التغيير بحجمه وسرعته ، وتتميز تلك القوي بالقبول العام ، والقدرات الشخصية القيادية والسياسية ومهارات صناعة التغيير والحشد المعنوي والسياسي والشعبي ، وهي من أهم عوامل نجاح التغيير في مرحلته المقبله ،

ومن هنا يتوجب علينا جميعا ، علي كل مصري ومصرية ، وعلي كل من يحلم بمصر حرة مستقلة عزيزة أبيه ، مصر الأمن والأمان ، مصر بلا فقر ولا جهل ولا قهر ولا قتل ولا تعذيب ولا تنكيل ولا فساد ولا إفساد ، يجب علينا جميعا أن نقف وراء هذا الكيان وهذه الوثيقة ، 
يجب علينا أن نقدر الأمور بمقدارها الصحيح ونزن الكلام بميزان الأعمال ، فلم يعد هناك وقت للكيانات الوهمية ولا للنزال في مواقع الفيس بوك ولا يمكن تغيير الواقع السياسي بفيديوهات وأغاني عن الثورة والثوار ، يجب علينا أن نتجاهل كل من يعمل من أجل الهدم والوهم بدون تقديم أي بديل ، وكل من يقف تاريخه بلا إنجاز ولا مكسب ، 
أفيقوا أيها المصريون فالوقت وقت الملحمه وهذه الوثيقة وهذا الكيان هو بداية النهاية لذلك الإنقلاب الوحشي الدامي ، علينا جميعا أن نعلم ونعي أن واجبنا أن ندعم وننصر كل من يحاول أن يعمل بجد من أجل توحيد الصفوف وتقديم الحلول وصناعة التغيير ، وأن نقف في وجه كل من يعمل من أجل بث الفرقه وهدم مؤسسات الدوله وبقاء الحال كما هو عليه ، فدماء الشهداء تنادي بالقصاص ، وآلاف الأرواح والأسر معلقة برقابكم ترقب شمس الحرية من بعيد ، من داخل ذلك الجب الأسود في ظلام السجون والمعتقلات ، 
فكفانا من سياسات النعام ودفن الرؤوس في أرض الأوهام ، فلنقف جميعا من جديد ، نصنع حلمنا ونبني مستقبلنا ، كفانا غربة وفرقه ، وألما وقهرا ،
اللهم قد بلغت ، اللهم فاشهد

Comments

Recent Articles

Messenger of Judgement Day _ رسول يوم القيامة _ الدكتور حسام الشاذلي

Economy and Elections in Turkey: The Invisible Hands by Hossam ElShazly

جيم أوفر - Game Over - بقلم الدكتور حسام الشاذلي المستشار السياسي والاقتصادي الدولي