الشرق الأوسط 'الغريب' بقلم الدكتور حسام الشاذلي السكرتير العام للمجلس المصري للتغيير والمستشار السياسي والاقتصادي الدولي

الشرق الأوسط 'الغريب'بقلم الدكتور حسام الشاذلي
السكرتير العام للمجلس المصري للتغيير والمستشار السياسي والاقتصادي الدولي 


يبدو أن معالم الشرق الأوسط الجديد قد بدأت تتشكل وتتضح وأن زمن التعجب وفتح الأفواه قد ولي وانتهى وأن دور أصحاب القبعات في رسم الخريطة الجديدة قد ظهر وانفضح ،
تتقلب الأزمان علي الدنيا وعلي بني البشر ، ويجتهد الإنسان ليطوع الأرض ويسخر الشمس والحجر ، ولكن الشرق الأوسط يبقي كما كان أرضا للأساطير والأوهام وحكايات الليل وصياح الفجر ، فكل العجائب وكل القصص في الساسة والسياسة والمال والأعمال ، وشهريار الجديد ذي العمر المديد يرتدي ألف قبعة وقبعة ، وتحكي شهرزاد حكايات الانقلابات في كل بلد وتحت كل سماء فيقتل الناس وتمتلئ السجون والمعتقلات وينتشر الفقر والجهل بلا سيف ولا سياف ، وينتظر الجميع صياح ديك قد مات علي موائد الخونة والانقلابين فلم تعد تسمع له من آذان إلا صراخ الظلم والقهر في غياهب السجون والمعتقلات ، 

ومع اكتمال الصورة وبزوغ القمر واختفاء الشمس بدون خبر ، فقد بات علينا أن نتوقف لنعلم ونتعلم ، لنعرف المجهول بالمعلوم لعلنا نجد إلي خلاص من سبيل أو إلي درب الحرية من دليل ،
بات واضحا وجليا أن انقلاب السعودية الأخير هو بداية النهاية لأرض الملكية أو قد يكون تحولا من السعودية إلي السلمانية ، ولكنه بدون شك أو اختلاف حلقة في سلسلة صناعة المنطقة الجديدة وفي خلق مستقبل جديد يسيطر عليه أرذل البشر بحلم أرض الغجر،
فلا اختلاف بين انقلاب مصر الذي قاده الجنرال وبين انقلاب السعودية الذي يحمل الكثير من الأسرار فالجميع يؤدي دورا في المنظومة الجديدة ولكن إذا عرف السبب بطل العجب ، 

فالتغيير الجديد في السعودية قد جاء ليقضي علي دور المملكة المؤثر في المنظومة الاقتصادية الدولية وليقوض نفوذ الوليد بن طلال في محافل الاستثمار وفي بيوت الأسهم والعقار ، وقد يبدو الأمر بربريا وحشيا عندما تتناقل القنوات تلك الأخبار، عن تعذيب وتعليق رجل من أغني أغنياء الأرض ومن المسيطرين علي مقدرات المال والأعمال ، ولكن الأعجب والأغرب هو كيف يسكت العالم وكيف يجد الصمت مكانا داخل أسواق الأسهم وأروقة البنوك بعد أن كان الوليد حديث الليل والنهار ، 

ولكن الأمر أبعد من ذلك واخطر ، وأجل وأكبر ، فمن يقف وراء انقلاب السعودية هو من صنع الانقلاب في مصر وهنا يجب أن نفرق بين السادة والعبيد وبين من يخطط ومن ينفذ فالدول الداعمة للانقلاب في مصر لم تكن أكثر من بنوك للتمويل تنفذ أوامر صانع الخريطة الجديد وقائد المنظومة البعيد ، ذلك الذي استطاع أن يصدر الأوامر فتنفذ وأمر البورصة فلم تتنفس، 
وتنقشع الغيوم عن المجهول عندما نعرف ونتعرف بأن السعودية هي من أهم المستثمرين في الطاقة المتجددة والتقليدية وأن تقرير الأمم المتحدة الصادر مسبقا قد قرر بأننا نعيش عصر نفاذ الطاقة التقليدية وأن الدول التي لن يكون لها نصيب من الطاقة الجديدة بحلول العام ٢٠٤٠ ستكون مهددة بالعودة للعصر الحجري من جديد وصفا وتوصيفا،
ولأن السيطرة علي الطاقة مربوط بالسيطرة علي النهضة الاقتصادية وتطور المجتمعات وكذلك بالسيطرة علي الغذاء ومصادر المياه فقد كان واجبا
 أن تشتمل الخطة علي سد النهضة وعلي حصار قطر صاحبة أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم حتي يمكن السيطرة علي منظومة الطاقة والمياه وعلي معايير التقدم والرخاء في المنطقة والعالم ،

وأكاد أجزم أن عصر المملكة العربية السعودية ذات الهوية الإسلامية قد انتهي وولي وأن السعودية الجديدة أو السلمانية العنيدة ستلعب دورا هاما في رسم خارطة الشرق الاوسط الجديدة والغريبة ، وتعود هذه الخارطة ألي زمن ليس بالقريب فمنذ وفاة الشيخ زايد رحمه الله كان انقلاب الإمارات الذي منح أصحاب القبعات حق السيطرة علي مقدرات البلاد فتحولت الإمارات إلي مركز للاستخبارات ، وباتت مقصدا للسياحة أو الترفيه ونسخة من بلاد الغرب مع التشويه ، ولكنها لم تعد تنتمي للعرب والإسلام إلا من جانب التمويه ، 
وقد تبعت مصر الإمارات في تلك السلسلة من الانقلابات ، وكون مصر هي رمانة الميزان وأهم الدول والأركان فقد تم ضخ المليارات من السعودية والإمارات بدعم الغرب وأصحاب القبعات لضمان السيطرة علي مقدرات البلاد والعباد ولضمان لعب الدور المرسوم في صناعة أرض الميعاد ، 

ويستمر مسلسل السيطرة المحبوك علي مقدرات السياسة والمال والطاقة والمياه فتري تغيرا واضحا في علاقة دول المنطقة بإسرائيل ، وتشهد تحولا محوريا في مواقف العديد من دول المنطقة تجاه قضية فلسطين ، وتسمع عن اتفاقا توافقيا بين فتح وحماس برعاية مصرية وبمباركة إسرائيلية ،
ويبقي صانع الخريطة يوزع الأدوار بعمل مشئوم وبالدم مرسوم ، فيقتل الناس هنا وهناك ويصنع الإرهاب أو يصدر لكي يكون ذريعة لاستخدام القوة الغاشمة في إحكام السيطرة علي البلاد والعباد ، وفي تهجير الناس وإخلاء سيناء والتفريط في الأرض والعرض ، 
ولأن الأمر جد خطير والوضع أجل من كل جليل ، فقد بات من الضروري بمكان أن نفند الحلول وأن نستشرف السبيل للخروج من دائرة السيطرة والتوجيه ، وهنا أزعم أن الحل يكمن في صناعة تغيير محوري في موازين القوي بالمنطقة يؤدي لكسر سلسلة السيطرة وإيقاف سيناريو الفوضى والتخريب ، 

ويبدأ الأمر مع حدوث ثورة في مصر تؤدي لإسقاط النظام وتنتج نظاما مدنيا يدخل في حلف سياسي اقتصادي وعسكري مع تركيا وقطر وإيران ، هذا الحلف الجديد الذي سيلعب دورا رئيسيا في تحجيم دور الساسة الجدد في السعودية ويعيد الإمارات للخانة القديمة ويكسر السلسلة المرسومة للسيطرة علي الطاقة والمياه في المنطقة ، ويبدو أن مسرحية إعداد شفيق لمسرحية الانتخابات في مصر ما هي ألا خطة استراتيجية بديلة لتجنب خطر أي تغير في موازين القوي في المنطقة إذا ما اشتعلت الثورة في مصر من جديد وخاصة مع ظهور قوة معارضة محترفة ومؤثرة في الشارع تتمثل في المجلس المصري للتغيير ومع وصول الشارع المصري لقمة الغضب والنقمة علي النظام الحاكم بسبب الأحوال المعيشية والاقتصادية المتدنية،
ولهذا فصناعة الثورة المصرية الجديدة هو هدف إقليمي رئيسي يعني كل القوي ذات العلاقة ويمثل منظومة تغييرية عاتية تحمل حربا للبقاء بين صناع الحرية وصناع الشرق الاوسط الغريب ،

اللهم قد بلغت اللهم فاشهد،

Comments

Recent Articles

Messenger of Judgement Day _ رسول يوم القيامة _ الدكتور حسام الشاذلي

Economy and Elections in Turkey: The Invisible Hands by Hossam ElShazly

جيم أوفر - Game Over - بقلم الدكتور حسام الشاذلي المستشار السياسي والاقتصادي الدولي