صناعة التغيير ، بين ' الوهم والحقيقة - بقلم الدكتور حسام الشاذلي - السكرتير العام للمجلس المصري للتغيير والمستشار السياسي والاقتصادي الدولي

صناعة التغيير ، بين ' الوهم والحقيقة
بقلم الدكتور حسام الشاذلي ،
السكرتير العام للمجلس المصري للتغيير والمستشار السياسي والاقتصادي الدولي ، 
لقد بات واضحا وجليا أن المشكلة الحقيقية في الحالة المصرية تكمن في عدم القدرة علي إحداث تغيير حقيقي وذلك بسبب غياب الكفاءات وقلة الإمكانيات المتخصصة لمن يعملون في هذا المجال من معارضي النظام مما يؤدي إلي الدوران في حلقات مفرغة وعدم القدرة علي صناعة أو إدارة أي تغيير مدروس ، فتنحصر كل نشاطاتهم وأفعالهم في دائرة رد الفعل غير قادرين علي صناعة فعل يدير دفة التغيير أو يوجهه ،

ولقد ظهر ذلك جليا مرة أخري في اختبار 'شفيق والعسكر' ، ذلك الاختبار الأخير الذي أظهر مدي غياب الوعي السياسي والقدرة علي استشراف المستقبل مع ظهور شفيق وترشحه للمشاركة في مسرحية الانتخابات الرئاسية من دولة الإمارات ،
قام الكثيرون بإلقاء أنفسهم في حضن شفيق ، إما بسبب البحث عن مصالح شخصية ، أو بسبب غياب القدرة علي تحليل و استشراف المواقف ، أو نتيجة لإدمان مرض من الماضي تتركز أهم أعراضه في محاولة البقاء في المنطقة الرمادية و إمساك العصا من المنتصف ، أو حتي تحت ضغوط الحياة والمنفي والمعتقلات وهو ضغط متفهم ويحترم ، إضافة إلي أنصار شفيق المختفين بين المعارضين وآخرون ظنوا أن الحل قد جاء مع شفيق ، تعددت الأسباب والموت واحد ، 

ولهذا فأنني أؤكد من جديد علي ما ذكرته في حلقتي الأخيرة من دعوة للتفكير في ٣٠ نوفمبر ٢٠١٧ ، علي إنه لا سبيل للخروج من مستنقع العسكر إلا بإنهاء حقبة الحكم العسكري بثورة تغييرية كاملة شاملة ترغم الجميع بما فيهم المؤسسة العسكرية علي القبول بحل الدولة المدنية وعلي لعب دور محدد ينظمه الدستور والقانون ، في ظل منظومة ديمقراطية حديثه ،
فأنصاف الحلول لا تصنع مستقبلا ولا تنقذ أمة ولا تنتج استقرارا ولا تؤدي إلا لتعقيد المواقف وتأزم الأحوال ،
ففنون المفاوضات تفرض علي المفاوض المحترف أن يكون لديه كروت متعددة ترغم الخصم علي تقديم تنازلات وعلي القبول بالحلول التي تؤدي لتحقيق هدف التفاوض ، ولكن التفاوض بدون كروت هو استجداء رخيص يمكن الخصم من فعل كل ما يريد ومن كسب المعركة حتي قبل أن تبدأ ، 
ولعل درس المفاوضات مع شفيق والدخول في اتفاقيات معه من بعض الفصائل دون دراسة محكمة للمعطيات وعوامل التغيير هو خير دليل علي ما تقدم ، فالافتقار للفكر التغييري هو مرض عضال أعراضه لا تبق ولا تذر ، 

إن مصر في حاجة لجيل جديد من المعارضين ، جيل قادر علي التعامل مع المتغيرات بصورة حرفية مدروسة مع الحفاظ علي المبادئ الأخلاقية التي لا تسمح بالتفريط في حقوق الشهداء والمعتقلين ، لأن الحفاظ علي تلك الحقوق هو أهم كروت المفاوض الحر الشريف المحترف علي طاولة التغيير الحقيقي ،
مصر تبحث عن جيل جديد ، جيل يتعلم أن الحق ينتصر إذا ما أخذنا بالأسباب وأن أساس القيادة هو القدرة علي استشراف المستقبل ووضع الخطط وتسخير الأدوات ، جيل يعلم أن للحرية ثمن يدفعه الأحرار ويحصله الطواغيت ، ليبقي الأحرار أحرارا علي مر الزمن والتواريخ ، ويتعفن الطغاة في مزبلة الزمان بلا اسم ولا تاريخ ، هذا الجيل هو الجيل الجديد من المجلس المصري للتغيير،

إن المعطيات والأزمات وما وصل إليه حال البلاد والعباد يفرض علينا أن نتخلص من آفات الماضي ومن أمراضه وأن لا نحيد عن الدرب و السبيل من أجل إحداث تغيير شامل كامل ، تغيير قد تم دفع ثمنه أضعافا مضاعفة من دم وأرض وعرض وقهر واعتقال ، علينا أن نطهر أنفسنا من القيادات الفاشلة حتي ولو كانت حسنة النية فالنوايا لا تربح المعارك والخوف لا يحقق نصرا ، 
علينا أن نتخلص من النقد الهدام ومن النقاشات بدون علم ولا معلومة ، علينا أن نتخلص من أمراض المجموعات ومن غزوات الصفحات ومن تغييب الحقائق ومن انتهاج أساليب واستراتيجيات عقيمة ثبت فشلها وفشل أصحابها علي مر الزمان ، علينا أن نعلم بأننا كلنا قابلون للنصح وللتقويم ولكن النقد الغير محترف والقائم علي رؤية غير متخصصة وغير كاملة قد يفقدنا قادة حقيقيون يمكنهم صناعة التغيير ويعيدنا لمربع اللا تغيير، وهذا أخطر علينا من الفشل نفسه ، 

لقد حان الوقت لكي نقف جميعا صفا واحدا ، كما أطلقت ندائي منذ أيام ، لقد أصبح الأمر ملزما لكل ذي عقل أو فهم ولكل وطني حر مصري إنسان شريف ، لقد بات لازما أن نتعلم الدرس ونعلمه، فلا نسمح لذيول النظام التي تتسرب بيننا بهدف تحديد عملنا في منطقة اللا تأثير أن تنتصر، تلك الأذناب التي لا تكل من محاولة إيقاف مسيرتنا بحجة التروي وتوحش النظام واللجان والمنظومات والمقترحات ، فانسياقنا وراء هذه الأوهام هو خيانة للوطن والحق ولدماء الشهداء والمعتقلين ، إن أهم العوامل المؤثرة في منظومة التغيير هي القدرة السريعة والمحترفة علي التعامل مع المعطيات فسرعة التغيير أهم من حجمه علي كل الأصعدة والمستويات وفي كل الأزمنة والمسارات ، 

لقد حان الوقت لكي يتوقف الزمان فنصنع معا ثورة من جديد ، ثورة للتغيير تضمن إنهاء حقبة الحكم العسكري وتحقيق العدالة الانتقالية وبناء مصر المدنية الديمقراطية الحديثة ، لقد حان الوقت فلبوا النداء ، فلا بديل عن التغيير، ولا أمل بلا عمل ، 
اللهم قد بلغت ، اللهم فاشهد

Comments

Recent Articles

Economy and Elections in Turkey: The Invisible Hands by Hossam ElShazly

Messenger of Judgement Day _ رسول يوم القيامة _ الدكتور حسام الشاذلي

جيم أوفر - Game Over - بقلم الدكتور حسام الشاذلي المستشار السياسي والاقتصادي الدولي